دور الوقف في العمل الإغاثي ومواجهة الكوارث
مقالات

دور الوقف في العمل الإغاثي ومواجهة الكوارث

27 فبراير 2023

تحتاج الإغاثة الإنسانية المحلية والدولية إلى قدرات وطاقات مالية وبشرية فنّية متخصصة، وقد تعجز عن هذه القدرات والطاقات دول بأكملها، مما يستدعي تدخل جهات أخرى لمساعدتها والتخفيف عنها لتجاوز محنتها، ومن أبرز هذه الجهات التي لها دورٌ فاعل ويُمكن الاستعانة بها في أوقات الأزمات والكوارث هي "المؤسسات والجهات الوقفية".

 

دور الوقف في تمويل العمل الإغاثي:

جاء في تقرير مالي للمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب (IRIT) التابع للبنك الإسلامية للتنمية بجدة (IDB)، أن القيمة السوقية المالية للوقف في الهند مثلًا بلغت سنة 2015 حوالي (24) بليون دولار، وأن حصيلة الزكاة في العالم العربي والإسلامي قُدرت ما بين (232 و 560) بليون دولار.

ورغم هذا الحجم المالي الكبير للقطاع الخيري في الصورتين السابقتين، تبقى الاحتياجات الإنسانية قائمة، بل ترتفع من سنة إلى اخرى، وذلك بسبب قلة التنسيق وغياب آلياتٍ لتوجيه هذا المال بفاعلية لخدمة الإغاثة، والاحتياجات الإنسانية في العالم العربي والإسلامي وبقية المجتمعات الإنسانية الكبرى.

 

وهذه الوضعية تستلزم إعادة تنظيم القطاع الخيري عمومًا والوقفي منه خصوصًا، على مستوى القطاع الوقفي العمومي والأهلي.

 

كيف تساهم المؤسسات الوقفية في العمل الإغاثي؟

ويمكن لمؤسسة الوقف الحكومية أو الأهلية أن تساهم في العمل الإغاثي الإنساني المحلي أو الدولي، وذلك بالقيام بالخطوات العملية التالية:

أولًا: تحديد المركز القانوني للوقف للإغاثة الإنسانية:

يعد تحديد المركز القانوني للمؤسسة الوقفية مهمًّ، قبل التفكير في الدخول في عملية المساندة لعمليات الإغاثة الإنسانية، بحيث يجب على المؤسسة أن تتبع النظم المؤسسية القائمة محليًّا ودوليًّا منذ حصولها على الاعتماد الرسمي، وأن يكون لها قانونها الأساسي المتضمن أهداف إنشائها، ومجالات عملها الإغاثي وحدوده، ومصادر مواردها، وآليات مساندتها... إلخ.

ثانيًا: وضع آليات حماية المال الإغاثي:

تهتم المؤسسات المعاصرة بضرورة وضع آليات عملية؛ لحماية الموارد المالية للمؤسسات إيرادًا وإنفاقًا؛ حتى تتمكن من تحقيق الأهداف المرجوة التي أُسست من أجلها من جهة، وتعزيزًا للثقة التي أودعها فيها مجموع المسهمين من جهة أخرى، والمؤسسة الوقفية الإغاثية لا تخرج عن هذه القاعدة، أي: وضع مخطط لحماية المال ووقايته قبل الكارثة ووقت حدوثها وبعد وقوعها؛ عملًا بمقتضى الأمانة في الشريعة الإسلامية من جهة، وتحقيقًا لمقاصد الواقفين من جهة أخرى، وتعزيزًا للثقة بين المؤسسة والجهات ذات الصلة بالعمل الإغاثي، سواء أكانوا مستفيدين أم شركاء.

ومن هنا يجدر بالمؤسسة العمل على الآتي:

  1. تحديد ميزانية المؤسسة الإغاثية، والعمل على ضبط النفقات والمداخيل، والحلول الممكنة للطوارئ الخاصة بالعجز في الميزانية والإفصاح عنها سنويًّا.
  2. التعاون مع المؤسسات الحكومية أو غير الحكومية والمجتمع المحلي، ومن ثَم يمكن العمل على تطوير نظام الحوكمة ومحاربة الفساد في مؤسسات القطاع الثالث.
  3. إعداد تقارير ميدانية شهرية عن سير المؤسسة الإغاثية، والصعوبات الميدانية والحلول الممكنة.

 

المشاركة سرّ نجاح العمل الوقفي الإغاثي

من الضروري عقدُ مؤسسة الوقف اتفاقيات وشراكات مع منظمات الإغاثة الإنسانية التي تعمل في القطاع العام أو الخاص المحلية والدولية، ويُعدُّ ذلك أمرًا مهمًّا للأسباب التالية:

  1. تسهيل العمليات الإغاثية.
  2. الاستفادة من خبرات المنظمات المحلية والدولية في مجال العمل الإغاثي الإنساني.
  3. احتواء هذه المؤسسات أو المنظمات على كوادر فنية وقدرات مادية معتبرة.
  4. الاعتراف المحلي والدولي بهذه المنظمات.
  5. توفير الحماية القانونية لعمليات الإغاثة الإنسانية.
  6. الاستفادة من المعلومات التي تنشرها هذه المؤسسات أو المنظمات الدولية حول معوقات التدخل الإغاثي، وبيانات طبيعة الكارثة والاحتياجات الخاصة، وطرق المساهمة المباشرة وغير المباشرة، والمؤسسات أو المنظمات المشاركة في العملية، وآليات وصول المساعدات، وشروط الجهات الرسمية في قبول مساهمات القطاعات الأخرى للتدخل الإغاثي الإنساني، ومعرفة شفافية الجهات الوسيطة ونزاهتها في إيصال المساعدات... إلخ.

 

الأوقاف تحمي وتقلل من خطر الكوارث على المجتمعات

يُعَدّ بناء قدرات الصمود والمواجهة بالنسبة للمجتمعات المعرضة للكوارث من أبرز الخطوات المهمة، للتحضير لهذه الكوارث أو للتخفيف من مخاطرها وآثارها المختلفة، وخاصة في المناطق التي ينتشر فيها الفقر، ويمكن لمؤسسة الوقف أن تسهم في هذا المجال على النحو الآتي:

  1. تخصيص صناديق وقفية إغاثية متنوعة الأغراض، مثل: الصحية، التعليمية، القروض الحسنة، كفالة الأيتام، دعم الأسر المنتجة.. إلخ.
  2. مساعدة الإدارات الحكومية المحلية في نشر التوعية بمخاطر الكوارث.
  3. المساهمة في بناء البنى التحتية للمجتمعات المعرضة للكوارث، نحو: تصريف الوديان، معالجة انجراف التربة في المناطق الجبلية.. إلخ.
  4. دعم المشروعات الصغيرة وتمويلها في المجتمعات المحلية، نحو: دعم المشروعات الزراعية العائلية، وبناء السدود الصغيرة لحفظ المجمعات المائية.
  5. منح قروض غيرة للأنشطة الاقتصادية الأسرية.
  6. تشجيع مشروع الأسر المنتجة ودعمها.
  7. توفير الأمن الغذائي للمناطق المعرضة للكوارث، بدعم تطوير المشروعات الزراعية الأهلية في المناطق القريبة منها، والبعيدة عن مخاطر الكوارث.
  8. دعم وقف المياه والرعاية الصحية للمناطق المعرضة للكوارث أو المنازعات.
  9. دعم البنى التحتية لتوفير المياه الصالحة للشرب، والمحافظة على مجاري الصرف الصحي.

 

دور الوقف في دعم مراكز الدراسات والأبحاث العلمية المتعلقة بالكوارث

تهتم المؤسسات الوقفية المعاصرة بمسألة دراسة الكوارث، والأسباب المباشرة وغير المباشرة لها وآليات التنبؤ بها.. ، وبيان الأطراف الواجب إشراكها قبل وقوع الكارثة وزمن حدوثها وبعد وقوعها، ويمكن لمؤسسة الوقف أن تسهم مع المؤسسات الإغاثية ذات الصلة بما يأتي:

  1. دعم مراكز البحوث المحلية والدولية الخاصة بدراسة الكوارث أو التوعية بمخاطرها.
  2. دعم برامج الرعاية الصحية في المناطق المعرضة للكوارث أو المنازعات.
  3. دعم برامج التدريب للمجتمعات المحلية المعرضة لمخاطر الكوارث، لاكتساب آليات النجاة من مخاطر الكوارث وطرق التعامل معها.

 

دور الوقف في دعم الأنشطة الخاصة بالتوعية المدرسية والوقاية من الكوارث:

تُعدّ مشاركة الوقف في تدريب أطفال المدارس بأطوارها الثلاثة (الابتدائية والمتوسطة والثانوية) أمرًا في غاية الأهمية للعملية الاستباقية، وللاستعداد للكوارث والتخفيف من الاضرار، فالتلاميذ يعتبرون أفضل وسيط بين المنظمات المهتمة بالكوارث والمجتمع أو الأهل؛ بنقلهم هذه الإجراءات وتطبيقها مع أهلهم، كونها جزءًا من عملهم الدراسي: ويمكن لمؤسسة الوقف الحكومية أو الأهلية مساندة المنظمات الإغاثية كاليونيسيف، ووزارة التعليم في المناطق المهددة بالكواثر، بتخصيص صندوق وقفي تحت شعار: "وقف المدارس الآمنة"، يعمل على تحقيق ما يأتي:

  1. تدريب بعض أساتذة المدراس وأولياء الأمور على تقنيات السلامة وإجراءاتها وشروطها، وذلك قبل الكارثة وزمن وقوعها وبعد حدوثها، ليقوم هؤلاء بدورهم بنقل هذه التجارب إلى بقية الأساتذة والمسيرين الإداريين والتلاميذ.
  2. المساهمة في إعداد دليل مدرسي للتلاميذ والأساتذة والمسيرين ومحيط المدرسة، لمواجهة الكوارث والتخفيف من مخاطرها، والسلوكيات الواجب اتخاذها زمن وقوعها.
  3. المساهمة في وضع مخططات لمؤسسات تعليمية أقل خطرًا على التلاميذ، بحيث تتضمن في هياكلها ومخططها الأمن والسلامة لجميع من فيها.
  4. ضمان التدريب المستمر على إجراءات السلامة عند حدوث الكوارث.
  5. ضمان التنسيق والتعاون مع الجهات المحلية والدولية ذات الصلة بحماية التلاميذ.

 

وفي النهاية لا يخفى على أحد أثر الوقف الخيري على المجتمعات الإسلامية والعربية، وما له من إسهامات ومشاركات مختلفة للمجتمعات الإنسانية من أجل المحافظة على مقاصد وجودها، ودفع ما يتسبب في الإضرار بها وبمستقبلها، ونحن في وقف الوفاء نعمل على أن نكون نموذجًا يُحتذى به كمؤسسة وقفية ذات دور فعّال في الأمّة الإسلامية، تخدم المجتمع الإسلامي بكل ما تملكه من طاقات وموارد.

لذا ندعوكم للمشاركة في التعرّف على مشروعاتنا الوقفية وتقديم دعمكم لها قدر استطاعتكم.

وقف الوفاء أمّةٌ ترقى وأجرٌ يبقى

 

يمكنك نشر المساهمة عبر المنصات الأتية